هناك الكثير من التحديات فى التعامل مع الواقع الإفريقى
الحالى و إستراتيجيات الإحتلال الإسرائيلى فى العمق الإفريقى مع وجود حالة من عدم
وضوح طرق و منهجية تعامل الحكومة المصرية مع هذه التطورات.و يبدو أن النقاش الشعبى
المنتشر حالياً قد إنحصر فى حلين فتارةً يدعو إلى التعامل العسكرى "بضرب سد
النهضة" مع وابل من الترحم و التباكى على أساليب السادات فى التعامل مع موقف
مماثل سابقاً و تارةً يدعو إلى التقارب و التعاون لإصلاح ما أفسدته سياسات التكبر
و التعالى و التجاهل على
مدار ما يقرب من أربعة عقود.
فى واقع الأمر فإن الحل الأول غير عملى و غير مقبول و
تجاوزه الزمن ففى ذلك إستدراج للبلاد فى حروب على الموارد تستنفز أروح البشر و
تدمر إقتصاد الدول و تسبب أضرار لا حصر لها.و الحل الثانى كذلك متأخر جداً و يبدو أن إصلاح ما أفسدته
السياسات السابقة يحتاج إلى عقود أيضاً من الزمان بينما لا يسعفنا الوقت لإستخدام
هذا الحل للتعامل مع الموقف الحالى.
ما الحل إذاً ؟!!
قبل طرح الحلول يجب معرفة بعض الحقائق و الوقائع و
التحديات من أهمها أولاً حجم الفساد و الصراعات المنتشرة فى العديد من الدول
الإفريقية و هو ما يجيد الإحتلال الإسرائيلى إستغلاله و التعامل معه و تطويعه و
بالتالى فهناك عوامل و معطيات مختلفة تحكم عملية التعاون الإقتصادى أو حتى
العسكرى.ثانياً : التغيرات المتسارعة فى النسيج الإجتماعى و الإقتصادى و الفكرى
للشعوب الإفريقية.ثالثاً : العلاقات الإقتصادية الرأسمالية للعديد من الدول و
الشركات أصحاب المصالح الإقتصادية فى إفريقيا.
الحل يجب ألا ينحصر فى طريق واحد أو منهجية ضيقة قصيرة النظر بل يجب أن يتعامل و يتكيف مع الوقائع و التغيرات المحتملة.فالأمر أولاً و أخيراً تحكمه مصالح الدول و الشعوب و للأسف سيطرة رأس المال.و بالتالى فتصميم منهجية التعامل مع الموقف الحالى تتطلب وضع مصلحة الشعب المصرى فى المقام الأول مع تجنيبه ويلات و أضرار الحروب.بعض الحلول التى قد تشملها تلك المنهجية هى -مع الأخذ فى الإعتبار أن عملية بناء السد و البدء فى تشغيله أصبحت واقعاً- أولاً ربط جميع الأطراف بمصالح إقتصادية مشتركة و هامة على المستوى الإقليمى.ثانياً التفاوض على ضمان زيادة حصة مصر السنوية من مياه النيل عن طريق مشاريع مشتركة و تقنيات تعمل على تحقيق ذلك ( و هو ما يمكن تنفيذه عملياً و علمياً حتى مع وجود سد النهضة).ثالثاً : تصميم منهجية تعاون و تقارب حقيقى و فعال و ليس سطحياًعلى جميع المستويات الإقتصادى و التعليمى و الدينى و العسكرى و الإعلامى و الرياضى ...إلخ و لكل من هذه المجالات العديد من الفرص و الحلول.رابعاً : تصميم منهجية للدبلوماسية الشعبية الحقيقة و الصادقة التى تبنى على مكتسبات التاريخ و تزيد الترابط بين الشعوب.خامساً : تصميم منهجية للتعاون المشترك على
التنمية المستدامة بما تحمله من تقنيات و حلول.
خلاصة القول إن التعامل العسكرى و حالة الإستعداء و
اللجوء لمنطق القوة لتدارك أخطاء الماضى هو حل غير مقبول ,تجاوزه الزمن يضر بالشعب
المصرى و شعوب المنطقة و يؤدى إلى خسائر فى الأرواح و دمار إقتصادى كبير فضلاً أنه
سيواجه رفضاً شديداً و إستنكاراً من المجتمع الدولى و لن يحل المشكلة. أما عن حل
التعاون و التقارب السطحى المؤقت فلن يجدى نفعاً فى هذه المرحلة.و الحل فى سرعة
دراسة و تفهم الوقائع و المعطيات و المتغيرات و تصميم منهجية شاملة تشمل ربط
المصالح و ضمان زيادة حصة مصر من مياه النيل و تعاون حقيقى مستدام و منهجية للتنمية
المستدامة.
No comments:
Post a Comment